تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الملحفة والدراعة

أزياء صحراوية بأصالة عابرة للزمن:

تشكل الأزياء التقليدية مكونا أساسيا في النسيج الحضاري والثقافي لأي مجتمع من المجتمعات؛ فهي العلامة الفارقة التي تميزه وتعكس تاريخه، كما أنها تجسيد لجانب من تقاليده ومعتقداته.

وقد ظل الزي التقليدي الصحراوي المتفرد مميزا لهوية سكان الصحراء بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، لأنهم ظلوا متشبثين به لمكانته الخاصة عندهم، ومحافظين عليه رغم الانتشار الواسع لصيحات الموضة العصرية.

ومن الأزياء التقليدية المشهورة لدى الصحراويين، "الملحفة" عند النساء، و"الدراعة" عند الرجال؛ فهما مكون أساسي في الموروث الثقافي والشعبي لدى الصحراويين، وأحد العناصر التاريخية الأصيلة لهويتهم المغربية.

"الملحفة"

"الملحفة" تعبير عن الأنوثة والجمال:

كغيرها من النساء، من حيث التميز بخصوصية الزي التقليدي بمختلف جهات المملكة، وبغض النظر عن أي انتماء اجتماعي أو اقتصادي؛ تتفرد المرأة الصحراوية بارتدائها بشكل يومي أو في المناسبات، لـ"الملحفة". وهي عبارة عن ثوب بطول أربعة أمتار، وعرضِ متر ونصف تقريبا، مختلف الأنواع والألوان، وبأثمنة متفاوتة حسب الجودة.

ولعل البساطة هي أكثر ما يميز هذا الزي الصحراوي النسائي، فهو عبارة عن قطعة ثوب واحدة، بعقدتين من الأعلى لتأمين دائرتين يطلق عليهما اسم "الخلالين"، تمكِّنان المرأة من إخراج يدها ورأسها، وإحاطتهما بجزء من الثوب، ولفِّ بقية جسمها بما تبقى منه.

وبالإضافة إلى كون الملحفة ثوبا تقليديا استطاع مجاراة صيحات الموضة والتكيف معها، فهو متناسب أيضا مع المناخ الصحراوي ومتطلباته، فهو يحمي جسم المرأة من لسعات أشعة الشمس الحارقة.

"الملحفة" أصناف وأنواع عديدة:

فمن هذه الأصناف ما يتم ارتداؤه في الأيام العادية، ومنها ما يحتفظ به للمناسبات الخاصة كحفلات الزفاف والأعياد وغيرها. كما يمكن أن يكون هذا الزي ذا لون واحد، أو مزركشا بألوان عديدة، أو مطرزا وبتصميمات خاصة.

ومن بين أشهر أنواع "الملحفة" الصحراوية "الشَّكَّة"، "كنيبة، "سَاغَامْبُو"، "كاز"، "كونتر"، "شيفون"، "تُوبِيتْ". ويحيل كل واحد منها على صنف الثوب والمادة التي صنع منها، ناهيك عن شكل الرسومات وطبيعة الألوان.

وما يزال الطلب مرتفعا على "الملحفة" بين النساء الصحراويات، رغم أسعارها الباهظة في بعض الأحيان، إذ يمكن أن يتراوح ثمنها بين 50 درهما من نوع "كاز" مثلا، و20 ألف درهم للحصول على "ملحفة" من الحرير الخالص بجودة رفيعة.

وتبقى "الملحفة" زيا نسائيا لا غنى عنه سواء في المناسبات أو الأفراح؛ انتشر لباسه بالعديد من المناطق بالقارة الإفريقية؛ وقد تأثرت تصاميمه وألوانه بثقافات وأزياء بلدان أخرى، كما عرف بأسماء مختلفة.

"الدراعة" نخوة وأصالة:

تعد "الدراعة"، الزي الخاص للرجل الصحراوي، وهو ثوب ناعم فضفاض، طوله عشرة أمتار. يعود تاريخه إلى القرنين السابع والثامن الميلادي، منذ بواكر التجارة عبر الصحراء بين بلدان الجنوب وشمال إفريقيا.

ويتميز هذا الزي التقليدي ببعض الزخارف الملونة، ويضم فتحتين واسعتين على كل من الجانب الأيمن والأيسر، وعادة ما يكون باللون الأبيض أو الأزرق الفاتح. ويرتدي الرجل تحته، في معظم الأحيان، قميصا وسروالا يشبه كثيرا السروال التقليدي بالشمال المغربي.

ولا تكون "الدراعة" جاهزة للباس، إلا بعد مرورها بأربعة مراحل رئيسية، إذ يتم أولا تصميمها، ثم تفصيل أجزائها، ثم يتم رسم الزخارف وتطريزها على الثوب، وفي الختام يتم خياطة وتجميع أطرافها.

أنواع "الدراعة":

ولـ "الدراعة" أنواع عديدة، نذكر منها "دراعة بلمان"، وهي نوع نادر وباهظ التكلفة، يخصص عادة للمناسبات المميزة. وهناك "دراعة" ذات جهتين أي، أن لكل جهة لون مختلف، وتسمى "دراعة باخة" نسبة إلى صنف الثوب الذي تخاط منه. هذا بالإضافة إلى "دراعة الشكة"، وهي نوع خفيف السُّمْك يلبس في الجو الحار، كما قد يخصص لممارسة الأعمال الاعتيادية اليومية.

فيديوهات

A+ A-